dreamnagd عضو مؤسس
MMS : الجنس : الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 810 نقاط : 13320 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 05/05/1967 تاريخ التسجيل : 02/12/2009 العمر : 57 الموقع : الرياض في قلب الجزيرة العربية العمل/الترفيه : أعمال حرة المزاج : رايق
| موضوع: حقوق الملكية: طريق للخروج من الفقر والحرب السبت ديسمبر 26, 2009 1:52 am | |
| بقلم هرناندو دي سوتو
الفقراء حول العالم لا يفتقرون إلى الأصول والأرصدة. الحكم الأفضل سوف يسمح للفقراء بأن يثبتوا ملكيتهم لأصولهم وأن يستعملوها كوسيلة رافعة لتحقيق ازدهار أكبر.
هرناندو دي سوتو عالم اقتصاد من بيرو ومؤلف كتاب "لغز رأس المال". وهو أحد مؤسسي ورئيس مؤسسة الحرية والديمقراطية (ILD)، وهي منظمة لا تبغي الربح مركزها العاصمة ليما وتساعد رؤساء الدول النامية ودول الاتحاد السوفياتي السابق على بناء اقتصادات سوق شمولية من خلال إصلاح حقوق الملكية وشركات الأعمال.
لقد ساهمت العولمة في زيادة الازدهار حول العالم، ومع ذلك لا يزال هناك بلايين الناس في الدول النامية قابعين في الفقر، وناضجين للمشاركة في الاضطرابات الاجتماعية وللتجند على يد الإرهابيين. واستناداً إلى تقرير نشرته لجنة التمكين القانوني للفقراء، التي ترأستُها بصورة مشتركة مع وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة مادلين أولبرايت، لا يستطيع ثلثا سكان العالم، وعددهم 4 بلايين نسمة، ان يثبتوا ماذا يملكون، أين هم موظفون، أو ما هو نوع الأعمال التي يديرونها. فبدون صكوك تملّك قانونية لمنازلهم وأراضيهم وشركات الأعمال التي يديرونها، لا يستطيعون رفع قيمة هذه الأصول ويجبرون على العمل خارج إطار القوانين في اقتصادات الظل. وهناك يضعون معاييرهم الخاصة وممارساتهم الخاصة الغارقة بالعيوب بحيث يكون من غير الممكن لهم تحسين ظروف معيشتهم. تُسمي مؤسسة الحرية والديمقراطية هذه الحالة "بالخارجة عن القانون."
رسالتنا تقوم على مساعدة الدول النامية على بناء اقتصادات سوق شمولية من خلال إعطاء كافة مواطنيها فرصة للوصول إلى الأدوات القانونية التي تساعدهم في إخراج أنفسهم- وبلادهم – من هوة الفقر: حقوق الملكية القانونية، أشكال قانونية لشركات الأعمال لتقسيم القوى العاملة ولتحقيق الازدهار، ووسائل لتحديد الهوية تسمح لهم بتوسيع أسواقهم إلى أبعد من دائرة العائلة والأصدقاء.
يبدو أن الحكومات في العديد من الدول النامية تتجاهل الواقع الذي يؤكد بأن حوالي 80 بالمئة من العقارات وشركات الأعمال لديها غير مسجلة قانونياً في أنظمة تسجيل الملكيات فيها وبالتالي لا تخضع لحكم القانون. في الولايات المتحدة، لكل قطعة أرض، لكل منزل، ولكل سيارة، ولكل طائرة، ولكل براءة اختراع ولكل مخطوطة كتاب أو فيلم نسخة مطابقة مسجلة ومفصلة في وثائق وقواعد بيانات. هذا الوجود المسجل يجعل هذه الممتلكات صالحة للاستعمال كضمانة مصرفية. ولكن لا يمكن رهن منزل أو شركة أعمال تقع في مدينة مؤلفة من أكواخ دون وجود وثائق تثبت الملكية.
حسب تقديرات مؤسسة الحرية والديمقراطية، يملك الفقراء في الواقع غالبية الأصول ومشاريع الأعمال في العالم – والتي تبلغ قيمتها حوالي 10 تريليون دولار- ومحتم عليها ان تبقى بمثابة "رأسمال ميت" ما لم يتم تسجيلها قانونياً لتصبح محكومة ومحددة بقواعد معيارية. لا زالت دول نامية عديدة تكافح لفهم كيفية إطلاق الثروة الكامنة المحبوسة في اقتصاداتها الخارجة عن القانون كي يستفيد منها الفقير والمجتمع بوجه عام.
قوة حقوق الملكية
الإجراءات التي تقوم بها دول العالم النامي من اجل تثبيت حقوق ملكية اكثر وضوحاً ومنح الفقراء لديها إمكانية الوصول الأسهل إلى الوسائل القانونية لتسجيل ما يملكونه سوف تساهم في تخفيض مستوى الفقر. الملكية القانونية تعني ان لديك ضمانة لكي تذهب إلى البنك وتتأهل للحصول على قرض من أجل بناء وتوسيع أي مشروع أعمال. سواء كان ذلك ملكية، أو ائتماناً مالياً، أو رأسمالاً، أو هوية تعريف، أي جميع الأشياء التي يتألف منها الاقتصاد الحديث ولا تكون ممكنة دون ملكية قانونية.
في كل بلد عملنا فيه، وجدنا ان السبب لقيام معظم الناس وشركات الأعمال في العمل ضمن إطار الاقتصاد الخارج عن القانون، لا يعود إلى كونهم مجرمين او غير مؤهلين ثقافياً للاستفادة من اقتصاد السوق، كما ادعى بعض علماء الاجتماع. فالاقتصادات السرية تزدهر لأنه من الصعب جداً الدخول إلى النظام القانوني بسبب الاكلاف البيروقراطية، والأنظمة التمييزية، وبكل بساطة بسبب وجود قوانين سيئة. الحكم الرشيد لا يتعلق فقط بتزويد الخدمات الاجتماعية والأمن. يجب على الحكومات أيضاً ان توفر لأبناء شعوبها إطار عمل قانوني ملائم يرحب بدخولهم إلى السوق ويمكنهم من إطلاق العنان للإمكانيات الكامنة لأصولهم.
الطريق مسدود أمام الناس الفقراء لمراكمة الرساميل في دول عديدة. فبدون حقوق ملكية واضحة وآمنة لا يستطيعون الحصول على الاستثمار. وبدون وجود وثيقة قانونية تمثل قيمة ملكياتهم، لن يتمكنوا من استخدام منازلهم لضمان الدين. الفقراء العالقون في مدن الصفيح الذين لا يملكون شيئاً يخسرونه يشكلون أهدافاً جاهزة أمام مجندي الإرهابيين الذين يعدون بحماية أصولهم من خلال استعمال القوة. ساعدت مؤسسة الحرية والديمقراطية (ILD) بالفعل في تعطيل عمل إرهابيي "الدرب الساطع" (Shining Path) في بيرو من خلال تزويد الفقراء ببديل أكثر أماناً للملكية القانونية. استناداً إلى قائد الدرب الساطع ابيمائيل غوزمان في ذلك الوقت، فإن هذه الاستراتيجية كانت مصممة "لإبعاد الجماهير عن هدفهم التاريخي". وقال الجنرال المسؤول في ذلك الوقت عن عمليات مكافحة التمرد في أوائل التسعينات من القرن العشرين، جيمي ساليناس، إن أفكار ونشاطات مؤسسة الحرية والديمقراطية كانت حاسمة في إلحاق الهزيمة بالإرهاب.
نظراً لهذا النجاح، طلبت السلطات الأفغانية كما فرق إعادة إعمار المحافظات في أفغانستان وفرق الأرض الإنسانية في العراق، من مؤسسة الحرية والديمقراطية تزويدها بخطط لتكييف هذه الاستراتيجيات مع حربها ضد التمرد وتجارة المخدرات.
تحدي العولمة
العولمة وجدت هنا لتبقى، ولكنها سوف تبقى هدفاً سهلاً لمعارضيها طالما بقيت النخبة فقط هي المعولمة. وهذا الأمر صحيح بدرجة أكبر في العالم النامي وفي الدول التي كانت خاضعة للسيطرة السوفياتية. يتمثل التحدي هنا بإعطاء غالبية الناس وشركات الأعمال في العالم حصة في التجارة الدولية. يتطلّب ذلك من الدول النامية ان تمكن الوصول إلى الأدوات القانونية التي يعتبرها أصحاب المبادرات في الدول الغنية على أنها أمر مُسلّم به: حقوق الملكية، محدودية المسؤولية، حماية الأصول، تنظيم الهرميات الإدارية، والقدرة على إصدار الأسهم.
التوق لبناء اقتصادات سوق شمولية هو توق قوي بين القيادات السياسية في الدول النامية وفي الدول التي خضعت في السابق للسيطرة السوفياتية. طلب خمسة وثلاثون رئيس دولة المساعدة من مؤسسة الحرية والديمقراطية، وقابلتُ شخصياً 32 رئيس دولة من بينهم. ومنذ تأسيس مؤسسة الحرية والديمقراطية في العام 1984 وتطبيق الإصلاحات الناجحة حول الملكية والأعمال في بيرو، عملت هذه المؤسسة مع 20 دولة في أميركا اللاتينية، أفريقيا، الشرق الأوسط، آسيا الوسطى والاتحاد السوفياتي السابق.
إن وضع إطار العمل المؤسساتي لاقتصاد سوق شامل وعصري يشكل عملاً شاقاً – ومعقداً، مرهقاً، مضجراً وغير رومانسي كثيراً. فهو يحتاج إلى إنشاء نظام يمكن فهمه بسهولة ويتوافق مع تقاليد المستفيدين منه كما مع نماذجهم الإقليمية وإدارة الأعمال لديهم. ولكن المشكلة تكمن في التفاصيل، وهذا صحيح أيضاً بالنسبة للإصلاح القانوني.
التأثير العالمي لبرنامج مؤسسة الحرية والديمÌراطية في الإصلاح المؤسساتي
تصلنا عادة من رئيس دولة ما طلبات لتزويده ببرنامج إصلاحي متعدد المراحل وترسل مؤسسة الحرية والديمقراطية فريقاً صغيراً وتجند فرقاً محلية أكبر عدداً نقوم بتدريبها على مفاهيم منهجيتنا. تتمثل الخطوة التالية والحرجة بتشخيص القطاعات القانونية والخارجة عن الشرعية في البلاد. يتطلب هذا العمل إجراء أبحاث شاملة في مناطق المدن والأرياف من اجل تقييم حجم الاقتصاد الخارج عن القانون في البلاد. وعندما نزود هذه المعلومات إلى رئيس الدولة، نصف له أيضاً خصائص الاقتصاد الخارج عن القانون، ولماذا يفضله الناس، وقيمته كرأسمال ميت. وفقط بعد ان تتوفر لدينا تلك المعلومات، نستطيع ان ننتقل إلى مرحلتي التصميم وتطبيق الإصلاحات. ولكن مع تقدمنا في العمل، تميل الحكومات إلى دفعنا إلى الخارج، الأمر الذي يعتبر إشارة صحية. وتتولى الفرق المحلية تنفيذ عملنا.
تُصدم كثيراً البلدان التي نتعامل معها من النتائج التي نتوصل إليها في ما يتعلق بغياب الأنظمة الرسمية ضمن اقتصاداتها. ولكننا نبين لها أيضاً ان هناك إمكانيات هائلة اقتصادية، وسياسية، يمكن لهذه البلدان استغلالها بكل بساطة من خلال الالتزام بتطبيق إصلاحات مؤسساتية. دعم الحكومة أساسي، ولا سيما لمواجهة معارضة النخبة البيروقراطية وفي قطاع الأعمال الذين يستفيدون من الوضع القائم.
وأفضل حجة لمصلحة إصلاح الملكية القانونية وقطاع الأعمال هي ان هذا الإصلاح ينجح. بعد مرور عشرين سنة على الجهود الإصلاحية التي بذلتها مؤسسة الحرية والديمقراطية في وطننا بيرو والتي ساعدت في التسجيل الرسمي لحوالي 1.7 مليون عقار في المدن وتسهيل إنشاء الأعمال، تحسنت الظروف المعيشية لفقرائنا ونمت الطبقة المتوسطة بصورة ذات شأن. استمر الناتج القومي الإجمالي لدينا في النمو مؤخراً بنسبة وصلت إلى حوالي 8 بالمئة سنوياً. يأتي قسم كبير من ذلك النمو من قطاع البناء، والتعدين، وصادرات سلع التصنيع الزراعي. كان من غير الممكن لهذه القطاعات ان تنمو دون وجود حقوق ملكية ثابتة للعقارات والمناجم.
نظراً لإعجابها بإنجازاتنا في بيرو، دعت حكومة السلفادور مؤسسة الحرية والديمقراطية إلى تكييف تلك الإصلاحات في أعقاب الحرب الأهلية هناك. وبحلول نهاية العام 2003، أدخل نظام التسجيل الرسمي للعقارات الذي صممته مؤسسة الحرية والديمقراطية حوالي مليون مواطن سلفادوري إلى إطار حكم القانون، كما ساعدت في التسوية السلمية للنزاعات بين المتحاربين السابقين واللاجئين حول الأراضي المنتجة. واليوم، يتعامل نظام التسجيل في السلفادور بما يزيد عن 800 مليون دولار أميركي سنوياً في مجال الرهونات العقارية.
في العام 2004، قدّمت مؤسسة الحرية والديمقراطية تقريراً إلى حكومة مصر موّلت إعداده الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مصر. حققت الحكومة منذ ذلك الحين تقدماً في تنفيذ 14 من أصل المقترحات الإصلاحية العشرين من أجل دمج الاقتصاد الخارج عن القانون في التيار السائد للاقتصاد المصري. في العام 2009، صنف تقرير "ممارسة الأعمال" الصادر عن البنك الدولي مصر كإحدى أعلى الدول "التي تنفذ إصلاحات" لديها.
أطلقت رئيسة جمهورية الفيليبين غلوريا ماكاباغال أرويو برنامج إصلاح الممتلكات المدينية المستند إلى بحث أجرته مؤسسة الحرية والديمقراطية بين العام 1999 والعام 2003. في نهاية فترة توليها الحكم، كانت قد أصدرت أربعة أوامر تنفيذية وبادرت بتنفيذ سبعة برامج حول تسجيل ملكيات الأراضي، الحيازة، الرهونات وغيرها من "الإصلاحات المتعلقة بالأصول".
استناداً إلى العمل الذي قامت به مؤسسة الحرية والديمقراطية في تنزانيا بين عام 2005 وعام 2007، وضعت الحكومة الإصلاح المؤسساتي في جوهر برنامجها المسمى "مكورابيتا" (MKURABITA). كما انتشر نفوذ مؤسسة الحرية والديمقراطية أيضاً إلى دول لم نعمل فيها سابقاً أبداً مثل غانا، جنوب أفريقيا، تايلند، وهندوراس. فعلى سبيل المثال، أعلن رئيس روسيا آنذاك فلاديمير بوتين في خطابه عن حالة الاتحاد بأنه منح صك الملكية لحوالي 350 ألف داشا (بيت في الريف) استناداً إلى البرنامج الإصلاحي الذي قدمته مؤسسة الحرية والديمقراطية، حسب أقوال رئيس هيئة موظفي بوتين.
أثَّر عمل مؤسسة الحرية والديمقراطية أيضاً على بروتوكولات منظمات كبيرة متعددة الأطراف. ألهمت أبحاث مؤسسة الحرية والديمقراطية في بيرو إعداد السلسلة الشعبية "ممارسة الأعمال" التي ينشرها البنك الدولي. وفي السنة الماضية بالضبط، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح إضافة توصيات لجنة التمكين القانوني للفقراء إلى برنامج عملها.
يجب على الدول المتطورة ان لا يغيب عن بالها أيضاً أهمية المحاسبة الشاملة لحقوق الملكية. لننظر إلى الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008، والتي حفزها انهيار الأدوات المالية المشتقة من سوق الرهونات العقارية الثانوية في الولايات المتحدة. فبعد جمع هذه الرهونات مع رهونات أخرى، ثم تجزئتها، وتقطيعها، وإعادة توضيبها، وبيعها إلى مستثمرين حول العالم، أصبحت هذه "المشتقات" غير مربوطة بالأصول الداعمة لها. والأسوأ من ذلك، لم يتم أبداً دعمها بوثائق، او توحيدها معيارياً، أو تسجيلها بطريقة يمكن تعقبها بسهولة، كما هو الحال بالنسبة للشرط القانوني المتعلق ببقية وثائق الملكية التي تحتسب كل شيء آخر نملكه من سيارات ومنازل، إلى شركات أعمال وبراءات اختراع. باختصار، انشأ المجتمع المالي "اقتصادات ظل" خاصة به من الأدوات المالية التي تقدر مبالغها بحوالي 600 تريليون دولار والتي لم نتمكن حتى الآن من تحديد مكانها وتحريرها من الشوائب المسمومة. وقد أصبحت هذه هي "الأصول المسمومة" السيئة السمعة التي جمدت نظام الائتمان العالمي لأن المصارف والمؤسسات المالية لم تكن متأكدة ما إذا كان بإمكانها الثقة في اي من نظيراتها من هذه المؤسسات.
بالنسبة لنا، نحن دول العالم الثالث، فإن معظم وثائق ملكيتنا "مسمومة"، غير مسجلة، صعبة التحديد وبقيمة غير شفافة لدرجة أن الناس العاديين لا يمكنهم بناء الثقة ببعضهم البعض. وفي حين أن الاقتصاد الأميركي قد بدأ ينمو، تعمل معظم شركات الأعمال لدينا في وجه أزمة ائتمان مزمنة. ولهذا السبب قد يكون إدخال حكم القانون إلى الأسواق الناشئة أهم إجراء يمكن اتخاذه لمساعدة هذه الدول في وضع حد للفقر. لا يمكن في القرن الحادي والعشرين التغلب على الفقر والتهميش دون انتشار حقوق الملكية وشركات الأعمال القانونية، وهذا هو المدخل للازدهار.
- الآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو سياسات الحكومة الأميركية. **** | |
|