ما هي السورة التي تعدل نصف القران ؟*** جاء في فضل بعض سور
القرآن الكريم أحاديث كثيرة ، منها الصحيح ، وكثير منها ضعيف أو منكر ،
ومن ذلك ما جاء في فضل سورة الزلزلة أنها تعدل نصف القرآن ، فقد ورد ذلك
في أحاديث منكرة ، وهي :الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذَا زُلْزِلَت تَعدِلُ نِصفَ القُرْآَنِ ) رواه الترمذي (2894) والحاكم (1/754)وفي
سنده يمان بن المغيرة العنزي ، قال فيه البخاري وأبو حاتم : منكر الحديث ،
وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يروي المناكير التي لا أصول لها فاستحق
الترك . انظر "تهذيب التهذيب (4/452) "وقد تفرد يمان بهذا الحديث ، دون جميع أصحاب عطاء ، ومثله لا يحتمل منه التفرد ، بل تفرده منكر ، والله أعلم .وكلمة
جماهير أهل العلم على تضعيف الحديث بسبب يمان بن المغيرة ، خلافا لمن صححه
من أهل العلم . فقد ضعفه الترمذي حيث قال بعد أن أخرجه : غريب لا نعرفه
إلا من حديث يمان بن المغيرة ، وضعفه ابن عبد البر في "التمهيد" ) بقوله :
هو من أحاديث الشيوخ وليس من أحاديث الأئمة ، وضعفه ابن حجر في فتح الباري
(8/687) ، والذهبي في تلخيص المستدرك ، والمناوي في "فيض القدير" (1/367)
، والشوكاني في الفتح الرباني (12/5930) ، وقال الألباني في "السلسلة
الضعيفة" (1342) : منكر .الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
مَن قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ عُدِلَت لَهُ بِنِصفِ القُرْآنِ ) رواه الترمذي (2893)وفي
سنده الحسن بن سالم العجلي ، قال المزي : هو شيخ مجهول له حديث واحد ،
وقال العقيلي : مجهول في النقل ، وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما لا
يشبه حديث الأثبات .انظر "تهذيب التهذيب" (1/396)وقد اتفقت
كلمة أهل العلم على تضعيف هذا الحديث أيضا ، فقد ضعفه الترمذي بقوله بعد
إخراجه : غريب ، والعقيلي بقوله : "غير محفوظ" كما في "تهذيب التهذيب"
(1/396) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/279) ، والبيهقي في "شعب الإيمان"
(2/497) ، وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/523) : منكر ، وكذا قال
الألباني في "الضعيفة" (1342)الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ فِي
لَيلَةٍ كَانَت لَهُ بِعَدل ِنِصفِ القُرْآنِ ) رواه ابن السني في "عمل
اليوم والليلة" (691)ويقول الشيخ الألباني رحمه الله "السلسلة
الضعيفة" (1342) : : " أخرجه أبو أمية الطرسوسي في مسند أبي هريرة (2/195)
، وإسناده ضعيف جدا ، فيه عيسى بن ميمون المدني ، ضعفه الجماعة ، وقال أبو
حاتم وغيره : متروك الحديث " انتهى .وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (3/268) : " في إسناده راو شديد الضعف " انتهى .فيتبين
بما سبق أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في كون سورة الزلزلة
تعدل نصف القرآن ، ولكن يبدو أن بعض الأئمة من السلف كان يأخذ بهذه
الأحاديث ، ويذهب في اجتهاده إلى أن ما في سورة الزلزلة من المعاني
العظيمة تعدل نصف المقاصد التي جاء القرآن الكريم لتحقيقها .جاء في "مصنف عبد الرزاق" (3/372) : عن معمر قال
سمعت رجلا يحدث أن إذا زلزلت تعدل شطر القرآن )وعن جعفر عن هشام بن مسلم قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول
إذا زلزلت الأرض نصف القرآن ) .وروى أبو عبيد عن الحسن البصري مرسلا
إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ، والعاديات تعدل نصف القرآن )انظر "الإتقان" للسيوطي (2/413)وجاء عن عاصم بن أبي النجود الإمام المقرئ قوله
كان يقال : من قرأ إذا زلزلت فكأنما قرأ نصف القرآن )قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/270) : رجاله ثقات .يقول المناوي في "فيض القدير" (1/367) :"
لأن المقصود الأعظم بالذات من القرآن بيان المبدأ والمعاد ، و" إذا زلزلت
" مقصورة على ذكر المعاد ، مستقلة ببيان أحواله ، فعادلت نصفه ، ذكره
القاضي " انتهى .فهو اجتهاد لبعض السلف ، لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يعني أبدا أنها تعدل نصف القرآن في الأجر والمثوبة .والله أعلم .المصدر: الإسلام سؤال وجواب