أكّد الشّيخ محمد صالح المنجد الداعية الإسلامي أنّ الصّلاة على الميت
بعد دفنه جائزة. وأن الإمام الشافعي وغيره ذهب إلى جواز الصلاة على الميت
في قبره، ودلل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم، أنّ الرسول صلى الله عليه
وسلم صلى على امرأة في قبرها، كانت تنظف المسجد، وكان الصحابة قد دفنوها
من غير أن يخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بموتها كما ذكر ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلا، فَقَالَ: مَتَى
دُفِنَ هَذَا؟ قَالُوا: الْبَارِحَةَ. قَالَ: أَفَلا آذَنْتُمُونِي؟!
قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ.
فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَا فِيهِمْ
فَصَلَّى عَلَيْهِ).وأضاف أن يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه
قال
أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَأَى قَبْرًا جَدِيدًا، فَقَالَ: مَا هَذَا ؟
قَالُوا : هَذِهِ فُلانَةُ، مَوْلاةُ بَنِي فُلَانٍ، فَعَرَفَهَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَتْ ظُهْرًا وَأَنْتَ
نَائِمٌ قَائِلٌ (أي: في القيلولة) فَلَمْ نُحِبَّ أَنْ نُوقِظَكَ بِهَا،
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَّ
النَّاسَ خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: لا
يَمُوتُ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلا
آذَنْتُمُونِي بِهِ؛ فَإِنَّ صَلاتِي لَهُ رَحْمَةٌ) رواه النسائي. كما
روى ابن أبي شيبة في "المصنف" مجموعة من الآثار عن الصحابة والتابعين ممن
صلوا على القبور بعد الدفن: منهم عائشة رضي الله عنها حين صلت على قبر
أخيها عبد الرحمن، وابن عمر صلى على قبر أخيه عاصم، وسليمان بن ربيعة وابن
سيرين وغيرهم، وكذلك ذكره ابن حزم في "المحلى".وأوضح ابن العثيمين
رحمه الله أن بعض الفقهاء منع الصلاة على القبر مطلقًا، وبعضهم قيده بشهر
أو ثلاثة أيام، ولكن ليس هناك دليل على هذا التقييد، حيث قال ابن حزم
-رحمه الله-: "أما أمر تحديد الصلاة بشهر أو ثلاثة أيام فخطأ لا يشكل،لأنه
تحديد بلا دليل".وكان شيخ الإسلام ابن تيمية، قد أفتى بأنه يجوز
الصلاة على الميت بعد دفنه لمدة شهر، بينما قال الإمام النووي: إذا حضر من
لم يصل عليه بعد دفنه، وأراد الصلاة عليه في القبر أوأراد الصلاة عليه في
بلد آخر جاز بلا خلاف.وقال ابن قدامة:لا يُصلى على القبر بعد شهر،
وبهذا قال بعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: يُصلى عليه أبدًا، واختاره ابن
عقيل؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- صلى على شهداء أحد بعد ثماني سنين،
وقال بعضهم: يًصلى عليه ما لم يبل جسده، وقال أبو حنيفة: يُصلي عليه الولي
إلى ثلاث.